2ـ مفهوم التبلد عند فحول الشعراء العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضيف ندوتنا (الافتراضية) اليوم؛ شاعر مغربي، هو محمد بن قاسم بن محمد بن الواحد بن زاكور الفاسي، المعروف بـ (ابن زاكور)، وها هو يتجه (افتراضيا) ـ الآن ـ نحو المنصة؛ منشدا:
يَا حُسْنَهُ وَالْحُسْنُ قَيَّدْ *** فِيهِ البَصيرَةَ إذْ تَأَوَّدْ
وَسَقَى رِيَاضَ فُنُونِهِ *** فَاخْضَرَّ مِنْها كلُّ أَمْلَدْ
تَخِذَ الْمَلاحَةَ مَلْبَساً *** وَكَسَا المَلامَةَ مَنْ تَبَلَّدْ
ـ فيقول الشاعر السري الرفاء:
تبلَّدَ هذا الدهرُ فيما نرومُه *** على أنَّه فيما نحاذرُه نَدْبُ
فهل يستوي عذْبُ المياهِ ومِلحُها *** وهل يتكافا الخِصبُ في الأرضِ والجَدبُ
فإن عَجِزَ الأقوامُ أو بانَ نقصُهم *** فليس لمن بانَتْ فضيلتُه ذَنبُ
ـ فيضيف الشاعر صردر:
يا من تبلَّد بين آثار الحِمَى *** يقفو مَعالِمها بعينَىْ مُنِكرِ
اِحذرْ عذارك والعذارُ مغلِّس *** فإذا بدا صبحُ المشيبِ فأقصرِ
وَضَحٌ تَجَنَّبَهُ الغوانى خِيفةَ الـ *** ـعَدوَى فإن يقرُبْ إليها تنِفُرِ
ـ فيقول الشاعر مهيار الديلمي:
مثلكِ في تبلُّدِ المهجورِ *** قَصَّ جَناحي زمني فطيري
لكِ الخيارُ أنجدي أو غوري *** وحيثما صار هواكِ صيري
ـ فيضيف الشاعر بشار بن برد:
لَعَمري لَقَد هَذَّبتُ قَولي وَلَم أَدَع *** مَقالاً لِمُغتابٍ وَدَعوى لِمَن لَحا
وَمَن كانَ ذا فَهمٍ بَليدٍ وَعَقلُهُ *** بِهِ عِلَّةٌ عابَ الكَلامَ المُنَقَّحا
ـ فيقول الشاعر أسامه محمد زامل:
الفكرُ في تجمّدْ *** والحسُّ قدْ تبلُّدْ
والأهلُ في تصيُّدْ *** والجارُ في ترصُّدْ
والهمّ قد تجسّدْ *** والقلبُ صارَ أصْلدْ
ـ فيكمل الشاعر حسان بن ثابت:
زادَت هُمومٌ فَماءُ العَينِ مُنحَدِرُ *** سَحّاً إِذا أَغرَقَتهُ عَبرَةٌ دِرَرُ
ـ فيضيف الشاعر ابن الخياط:
هُمُومٌ تُبَلِّدُ فَهْمَ الْبَلِيغِ *** وَتُعْيِي نَوافِثَ سِحْرِ الْكَلامِ
فَكُلُّ اجْتمِاعٍ بِهِ لِلشَّتاتِ *** وَكُلُّ رِضَاعٍ بِهِ لِلْفِطامِ
عَلَى أَنَّ أَدْمُعَنا بِالْجُفُو *** نِ أَغْرى مِنَ الْوجْدِ بِالمُسْتَهامِ
ـ فتقول الشاعرة الخنساء:
يا اِبنَ الشَريدِ وَخَيرَ قَيسٍ *** كُلَّها خَلَّفتَني في حَسرَةٍ وَتَبَلُّدِ
فَلَأَبكِيَنَّكَ ما سَمِعتُ حَمامَةً *** تَدعو هَديلاً في فُروعِ الفَرقَدِ
ـ فيقول الشاعر أبو الفتح البستي:
يا مُبتلىً بضَناهُ يرجو رحمةً *** من مالِكٍ يشفيهِ من أوصابِهِ
أوصاكَ تسحَرُ عينَهُ بتَسهُّدٍ *** وتبلُّدٍ فقبلتَ ما أوصى بِهِ
اِصبِرْ على مضَضِ الهوى فلرُبَّما *** تحلُو مرارةُ صَبرِه أوصابِهِ
ـ فيقول الشاعر إيليا أبو ماضي:
دَع عَنكَ نُصحي بِالتَبَلُّدِ ساعَةً *** يا صاحِ قَد ذَهَبَ الأَسى بِتَبَلُّدي
ما زادَ في أَسَفِ الحَزين وَشَجوِهِ *** شَيءٌ كَقَولِكَ لِلحَزينِ تَجَلَّدِ
ما زُلتُ أَعصيهِ إِلى أَن هاجَني *** ذِكرُ الحِمى فَعَصَيتُ كُلَّ مُفَنَّدِ
وَأَطارَ عَن جَفني الكَرى وَأَطارَني *** عَن مَرقَدي مَشيُ الهُمومِ بِمَرقَدي
ـ فيقول الشاعر الشريف الرضي:
فَلِلَّهِ كاسٌ صَرَعتُ الهُمو *** مَ بِسَورَتِها وَعَقَرتُ الأَسى
سَناءٌ تَبَلَّدُ عَنهُ السَماءُ *** وَمَجدٌ سَها عَن مَداهُ السُها
ـ فيضيف الشاعر محمد ولد ابن ولد أحميدا:
إِذَا مَا جُلتُمُ في النحو يوماً *** تَبَلَّدَ بَينَ قَائِلَةٍ وقِيلا
إِذَا جَاءَ الكُهُولَ بِهِ استَخَفُّوا *** فَطُرِّدَ فَاسِقاً فَجًّا جَهُولا
ـ فيكمل الشاعر أحمد محرم:
تَبَلَّدَ مُغبَرّاً وَأَرعَدَ خائِفاً *** وَأَحجَمَ مُزوَرّاً وَأَعرَضَ نائِيا
وَإِن يَدعُهُ داعي الغِوايَةِ يَستَجِب *** وَيَغشَ الدَنايا طائِعاً وَالمَخازِيا
فَهَوِّن عَلَيكَ الخَطبَ لا تَبتَئِس بِهِ *** فَما لَكَ أَمرُ الجاهِلينَ وَلا لِيا
ـ فيضيف الشاعر عبد الغفار الأخرس:
لما تيقَّظ عزمه من غفلةٍ *** فيها عقول الجاهلين رقود
نظم القريض ليستميل قلوبنا *** عنه وذاك من المريد بعيد
خَفِيَتْ على فهم البغيّ مقاصد *** فيها وما عرف المرام بليد
والله خير الناصرين ولم يكن *** إلاَّ لديه النصر والتأكيد
ـ فيقول الشاعر الأحنف العكبري:
تعالى الله أمري فيه فكرٌ *** لمعتبر بليد أو سديد
أرى الدنيا وفتنتها كحبلى *** وليست باليؤوس ولا الولود
ـ فيقول الشاعر قسطاكي الحمصي:
اتلفت مالي وها عقلي شريد *** تركته في بكاه وعويل
ما رآه شامت الا بكى *** ومضت تصطاد للوقت خليل
وتنادي ان من منا اشتكى *** عد بين الناس مجنونا بليد
ـ فيقول الشاعر محمد بن صالح المنتفقي:
هاكم خصال الخير فاتصفوا بها *** لتصفوا ويغدو مظلم القلب نيّرا
جد وجاهد وابذل المال مخلصاً *** واحي الليالي واجعل الوقت عامرا
ثم لا تكن في كثرة الأكل راغب *** فقاسٍ بليد كل من منه أكثرا
ـ فيقول الشاعر الأحنف العكبري:
وما هذه الأيّام إلا معارة *** تمتّع بها فالمستعار رديد
وكل جديد أخلقته يد البلى *** فرتّ لقوم قادمين جديد
وبين صروف النيرين عجائبٌ *** تناهى إليها العقل وهو بليد
حياة وموت وافتراق وألفة *** ونحس وسعد والسعيد سعيد
ـ فيختتم الشاعر الأمير الصنعاني ندوتنا (الافتراضية)؛ منشدا:
أمِنْ بعد الثمانين اللواتي *** قطعت يكون لي عقد فريد
أراها صيرت فكري بليداً *** وما هو قبل مقدمها بليد
واسأله الرضا في كل حين *** وتوفيقاً إلى التقوى يقود
وينزلنا به جنات عدن *** تكون بها الإِقامة والخلود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر