ما لا يعرفه الشعراء
(باب البديع والمحسنات اللفظية )
.................................................
اثار موضوع انتقال ملكية النص الشعري الى الآخرين بعد نشره وطباعته بعد تناوله في اول كتاباتنا في المقال آراء وتعليقات غريبة ومبهمة ، ولأهمية بيانه فاني سأتطرق اليه بإيجاز قبل الانتقال الى هذا الباب الهام والمفيد ، ان العبارة التي كتبتها في المقال كانت تعبيرا مجازيا لاهمية ان يستدرك الشاعر او الكاتب هذه النقطة وان لا يرمي بنتاجه الأدبي قبل ان يحرص على تبليغه كاملا غير منقوص وان يتم بإتقان كامل جوانبه ومضامينه لان نشره يعني انتقال حق تفسيره واستقباله صار في عقول والباب المتلقين ليفهموه كلا بطريقته وقدر فهمه له ، هذا اولا وأما النقطة الأهم فان النص بعد نشره يصبح مشاعًا للآخرين وان احتفظ الكاتب بأسمه وقلمه في النص وهذه حقيقة تلزم الأدباء بفهمها وإدراكها .
اما ما يخص مقالنا في البديع واستخدام المحسنات اللفظية فانه له من الأهمية بمكان لا يقل عن مباهاة النص الشعري بغرضه ومعناه ومضمونه وقوة بناءه ورصانته اضافة الى جمال وسلامة نظمه ،
ولان هذا الموضوع بهذه الأهمية فاني سأحاول ما استطعت ان أوجز كل المفهوم ليتسنى بعد هذا للأخرين البحث والاستقصاء لإثراء مفهومه ومعناه.
وكما هو معروف للجميع ضرورة اللفظ والبلاغة والفصاحة في النص الشعري وكتابته ، فان البلاغة علم بذاته أخذ في توصيفه كبار الأدباء والمفكرين العرب منذ بداية نشأ وولادة الشعر العربي ، الا اننا لمسنا بيانه ومعناه في أوائل العصر العباسي حيث ازدهار الثقافة والفنون وولادة الكثير من الأدباء والمفكرين ولعل اهمهم في هذا هو عبد الله ابن المعتز الذي بين تفسير المعنى وبيانه.
فالبلاغة وفنونها عرفت قديمًا بعلومها الثلاثة وهي :
1. علم المعاني : وهو الذي يختص بالتركيب التي تتألف منه الجملة الشعرية وتناسقها ويهتم بالتشبيه والاستعارة اللغوية التي ربما تطرقنا الى شيء منها في مقالنا .
2. علم البيان: وهو العلم الذي يختص في البلاغة على مطابقة الكلام لمقتضى الحال ومطابقته للمعنى المراد منه .
3. علم البديع : وهو ما يهمنا في مقالنا هذا وهو علم من البلاغة العربية يهتم بصياغة الكلام وتحسين الجمل وتزيينها باستخدام المحسنات البديعية اللفظية والمعنوية .
والمحسنات اللفظية ، هي المحسنات التي يرجع فيها الى تحسين اللفظ فيتبعها هذا التحسين في المعنى ومنها السجع وعادة ما يأتي في النثر فتتوافق فيه على حرف واحد في اخر الكلمة بين فاصلتين ، ومثاله ما جاء في الحديث الشريف ( اللهم اعط منفقًا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا ). وكذلك منها الجناس التي فيها يتوافق اللفظين في النطق ويختلفا في المعنى المراد له اضافة الى التصريع بمعنى توافق عروض البيت الاول من القصيدة مع ضربة في القافية فيكون قافية الشطر الاول متوافقة مع قافية نهاية البيت الشعري ، اضافة الى الموازنة والتضمين والاقتباس وقد ذكرنا الاهم ومعناه لضيق المجال هنا.
وأما المحسنات المعنوية ، فهي التي يرجع التحسين فيها الى المعنى ، ومنها الطباق وهو الجمع بين اللفظ وضده في موقع واحد ، والمقابلة التي تعني الإتيان بلفظين لهما معنىً غير متقابلين او اكثر ثم يؤتى بما يقابلها على الترتيب ، ومنها أيضا التورية ، وهي ان يأتي بلفظ له معنيين احدهما قريب ظاهر غير مراد والثاني بعيد خفي وهو المراد اضافة الى المشاكلة والمبالغة والغلو والإغراق وغيرها .
ولكي لا أشتت معلومة المتلقي عن البديع وأهميته ، فيمكن القول ان البديع في الشعر معناه تزيين اللفظ وتحسينه بنوع من التنميق ،اما بسجع يفصله ، او تجنيس يشابه بين ألفاظه او ترصيع يقطع أوزانه او تورية عن المعنى المقصود بإيهام معنىً اخفي عنه باشتراك اللفظ بينهما ، او طباق بالتقابل بين الأضداد وأمثال ذلك .فالجاحظ يقول ان البديع مقصور على العرب ومن اجله فاقت لغتهم اية لغة أخرى واربت على كل لسان .
وعمومًا فان ما يهمنا في الشعر هنا بلاغته اللغوية بمعنى الفصاحة وحسن البيان ، والفصاحة تعني سلامة اللفظ من ثلاثة أمور وهي : تنافر الحروف بمعنى الثقل في نطق الكلمة لاجتماع حروفها على تخريج مشترك، والغرابة التي تعني استخدام الكلمة او اللفظ القليل الاستعمال او المهجور ، وأما الأمر الثالث والأخير فهو مخالفة القياس ومعناه نطق الكلمة بخلاف قواعد تصريفها النحوي .
أما الفصاحة ، فانها قدرة الكاتب وتمكنه من التعبير عما في ضميره بلفظ سليم قولًا وتركيبا ، وفيما يتعلق بالدلائل والأمثلة على ما سبق فان كتاب الله سبحانه وتعالى خير ما جاء فيه من البلاغة والفصاحة والبيان ولربما تجدون فيما يخص الشعر هذه البيانات موجودة في أشعار وقصائد المتنبي وأبو تمام اللذين سبقا غيرهما من الشعراء في هذا .
أتمنى ان اكون قد أضفت لكل المتابعين معلومة تفيد أهل الشعر وعنوانه ، ومن الله التوفيق .
.....................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد
(باب البديع والمحسنات اللفظية )
.................................................
اثار موضوع انتقال ملكية النص الشعري الى الآخرين بعد نشره وطباعته بعد تناوله في اول كتاباتنا في المقال آراء وتعليقات غريبة ومبهمة ، ولأهمية بيانه فاني سأتطرق اليه بإيجاز قبل الانتقال الى هذا الباب الهام والمفيد ، ان العبارة التي كتبتها في المقال كانت تعبيرا مجازيا لاهمية ان يستدرك الشاعر او الكاتب هذه النقطة وان لا يرمي بنتاجه الأدبي قبل ان يحرص على تبليغه كاملا غير منقوص وان يتم بإتقان كامل جوانبه ومضامينه لان نشره يعني انتقال حق تفسيره واستقباله صار في عقول والباب المتلقين ليفهموه كلا بطريقته وقدر فهمه له ، هذا اولا وأما النقطة الأهم فان النص بعد نشره يصبح مشاعًا للآخرين وان احتفظ الكاتب بأسمه وقلمه في النص وهذه حقيقة تلزم الأدباء بفهمها وإدراكها .
اما ما يخص مقالنا في البديع واستخدام المحسنات اللفظية فانه له من الأهمية بمكان لا يقل عن مباهاة النص الشعري بغرضه ومعناه ومضمونه وقوة بناءه ورصانته اضافة الى جمال وسلامة نظمه ،
ولان هذا الموضوع بهذه الأهمية فاني سأحاول ما استطعت ان أوجز كل المفهوم ليتسنى بعد هذا للأخرين البحث والاستقصاء لإثراء مفهومه ومعناه.
وكما هو معروف للجميع ضرورة اللفظ والبلاغة والفصاحة في النص الشعري وكتابته ، فان البلاغة علم بذاته أخذ في توصيفه كبار الأدباء والمفكرين العرب منذ بداية نشأ وولادة الشعر العربي ، الا اننا لمسنا بيانه ومعناه في أوائل العصر العباسي حيث ازدهار الثقافة والفنون وولادة الكثير من الأدباء والمفكرين ولعل اهمهم في هذا هو عبد الله ابن المعتز الذي بين تفسير المعنى وبيانه.
فالبلاغة وفنونها عرفت قديمًا بعلومها الثلاثة وهي :
1. علم المعاني : وهو الذي يختص بالتركيب التي تتألف منه الجملة الشعرية وتناسقها ويهتم بالتشبيه والاستعارة اللغوية التي ربما تطرقنا الى شيء منها في مقالنا .
2. علم البيان: وهو العلم الذي يختص في البلاغة على مطابقة الكلام لمقتضى الحال ومطابقته للمعنى المراد منه .
3. علم البديع : وهو ما يهمنا في مقالنا هذا وهو علم من البلاغة العربية يهتم بصياغة الكلام وتحسين الجمل وتزيينها باستخدام المحسنات البديعية اللفظية والمعنوية .
والمحسنات اللفظية ، هي المحسنات التي يرجع فيها الى تحسين اللفظ فيتبعها هذا التحسين في المعنى ومنها السجع وعادة ما يأتي في النثر فتتوافق فيه على حرف واحد في اخر الكلمة بين فاصلتين ، ومثاله ما جاء في الحديث الشريف ( اللهم اعط منفقًا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا ). وكذلك منها الجناس التي فيها يتوافق اللفظين في النطق ويختلفا في المعنى المراد له اضافة الى التصريع بمعنى توافق عروض البيت الاول من القصيدة مع ضربة في القافية فيكون قافية الشطر الاول متوافقة مع قافية نهاية البيت الشعري ، اضافة الى الموازنة والتضمين والاقتباس وقد ذكرنا الاهم ومعناه لضيق المجال هنا.
وأما المحسنات المعنوية ، فهي التي يرجع التحسين فيها الى المعنى ، ومنها الطباق وهو الجمع بين اللفظ وضده في موقع واحد ، والمقابلة التي تعني الإتيان بلفظين لهما معنىً غير متقابلين او اكثر ثم يؤتى بما يقابلها على الترتيب ، ومنها أيضا التورية ، وهي ان يأتي بلفظ له معنيين احدهما قريب ظاهر غير مراد والثاني بعيد خفي وهو المراد اضافة الى المشاكلة والمبالغة والغلو والإغراق وغيرها .
ولكي لا أشتت معلومة المتلقي عن البديع وأهميته ، فيمكن القول ان البديع في الشعر معناه تزيين اللفظ وتحسينه بنوع من التنميق ،اما بسجع يفصله ، او تجنيس يشابه بين ألفاظه او ترصيع يقطع أوزانه او تورية عن المعنى المقصود بإيهام معنىً اخفي عنه باشتراك اللفظ بينهما ، او طباق بالتقابل بين الأضداد وأمثال ذلك .فالجاحظ يقول ان البديع مقصور على العرب ومن اجله فاقت لغتهم اية لغة أخرى واربت على كل لسان .
وعمومًا فان ما يهمنا في الشعر هنا بلاغته اللغوية بمعنى الفصاحة وحسن البيان ، والفصاحة تعني سلامة اللفظ من ثلاثة أمور وهي : تنافر الحروف بمعنى الثقل في نطق الكلمة لاجتماع حروفها على تخريج مشترك، والغرابة التي تعني استخدام الكلمة او اللفظ القليل الاستعمال او المهجور ، وأما الأمر الثالث والأخير فهو مخالفة القياس ومعناه نطق الكلمة بخلاف قواعد تصريفها النحوي .
أما الفصاحة ، فانها قدرة الكاتب وتمكنه من التعبير عما في ضميره بلفظ سليم قولًا وتركيبا ، وفيما يتعلق بالدلائل والأمثلة على ما سبق فان كتاب الله سبحانه وتعالى خير ما جاء فيه من البلاغة والفصاحة والبيان ولربما تجدون فيما يخص الشعر هذه البيانات موجودة في أشعار وقصائد المتنبي وأبو تمام اللذين سبقا غيرهما من الشعراء في هذا .
أتمنى ان اكون قد أضفت لكل المتابعين معلومة تفيد أهل الشعر وعنوانه ، ومن الله التوفيق .
.....................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد