له تاريخ بقريته
رجل ولا كل الرجال
إقامته.. لبنان.. الشمال
البداوي الهوية
قامة و هيبة
بين حقه والباطل
مهما كانت المخاطرة
لا يقبل التنازل
في شبابه
شديد الهمة
يروى عنه حكاية
بأن سُرقت بقراتِه
مِن مرعاها
على يد عصابة
أفراد من منطقة
اشتقت منها
بِلَقَب الرجل ”زْكِرْت “
أي لا يَهَاب الموت
دخل جمعة لمنطقتهم
يا قاتل يا مقتول
رغم أنفهم
سحب بَقَراتِه
من عِقْرِ دارهم
ليعود مرفوع الهامة
يتمختر بمشيته
تتراقص الأكتاف
بيمينه وشماله
واثق الخطوة
يمشي على رأس قدميه
منتصب الجسد
العيون تبرق لهباً
سهام من حديد
فيها بأس شديد
هنا تبدأ حكاية
هذا الرجل
بعد سنين العمر
دولاب العمر يدور
كبر الرجل و شَاخ
خَفَّتْ هِمته
ارتجغت قَدميه
حتى ذات مرة
أراد دخول الحمام
لقضاء الحاجة
طلب من أحد أبنائه
المساعدة
بعد الأفْأفة وإظهار الإزعاج
تتالى عليه الكفر واللعنات
العوز بالله
يجر إلى الحمام
كأنه بهيمة الأنعام
بهذا الوضع و هذا الحال
بالاستهتار يعامل
من عاق أهبل
لا يفهم
خانته قدماه
على الأرض أسقطه
بعد حين من الزمن
شُلَّ جسده
بما فيه وظائِفه
منتصب القامة
إنهار مقامه
دارت دوائر الكرامة
فقد إحترامه
ياليت لهذا الحد
حَد حدوده
بل توالت عليه الأهانة
ممن هم أهله
أقرب الناس إليه
على” دشوك “
ليس بِسَرير... شيء يشبهه
بضع اخشاب
صُفت و رُصت
على فراش بالية
كذلك الأغطية
تحت الدرج
سجنه يتنفس الألم
لا عيب فيه ولا حرج
دماء ذوي القربة
فإن جَفَتْ
أو ماء تَحَولَت
قلوب الرحمة ماتت
المشهد شديد الألم
رجل يُهان
له عائلة... إنسان
ينتهي على خشبة الخلاص
في يديه كشاشة
كان يطرد عن نفسه
غارات الذباب
تحوم على وجهه وجسده
حمامته سبيلها على ملبسه
كما خروجه
كان المشهد يؤلمني
كنت طفلاً
الألم يعتصرني
كُلما يناديني
بيده قطعة قماش
الطلب من غيري و مِني
أن نغسلها في الساقية
ماؤها بالقرب تجري
أنا بالذات كنت أُسرع
بغسلها بغيرة طفل
تدفعه العفوية
تصوروا المشهد
بالكاد يحرك يديه
ليمسح وجهه
ليمسح دموعه
يبكي مصيره
ما آلت إليه نهايته
و أنا منذ ستين سنة
ما زآلت محفورة
في وجداني صورته
أسأل نفسي
و أسألكم أحبتي
كم جمعة كحيل
موجود بينكم
عبد العظيم كحيل