حكايةُ الأُمِّ وابنتِها
نظرتْ إلى ظُلُماتِ ما بعدّ الضياعْ
حيثُ الحياةُ تجمَّدَتْ عند الوداعْ.
فإذا بِلادُ العربِ للغازي تُباعْ،
لِمَ لا تصيرُ الأرضُ للغازي مشاعْ؟
لمّ لا يصيرُ العُرْبُ أقوامًا جياعْ،
وبِلادُهُم ما بينَ حربٍ أو صِراعْ؟
صرخَتْ عليها أمُّها هيّا انزِلي،
وَدعي فضولَ الموتِ حالًا وادْخُلي،
شرفُ البلادِ بُنيّتي بالمُجمَلِ
قدْ داسَهُ الغازي بأقذرَ أرجلِ.
قُتلتْ خديجَةُ أمُّها في المدرسهْ،
فالأمُّ قد عمِلتْ هناكَ مدرّسهْ،
والزوجُ للأسفِ الشديدِ أَيا عربْ!
مثلَ الكثيرينَ انْتَهى وَبِلا سببْ.
وطنٌ تشرْذمَ خدمةً للغاصبِ،
وطنٌ يُباعُ بأهلِهِ للغالبِ.
أينَ الكرامةُ والشهامةُ يا عربْ؟
أزَمانُنا هذا أمْ زمانُ أبي لهبْ؟
بُعِثتْ سناءُ لدارِ أيتامٍ هناكْ،
وَكذا صفاءُ صبيّةٌ مثلَ الملاكْ.
بنتانِ بل ملكانِ في ذاكَ الجحيمْ،
بلا نصيرٍ أو بذي قلبٍ كريمْ.
قتلٌ بلا هدفٍ سوى نشرِ الفسادْ،
هدمِ الحضارةِ والأماني في البلادْ.
جلستْ سناءُ وأختُها عندَ المساءْ
مذعورتينِ منَ المشاعِلِ في السماءْ،
وأزيزِ طائرةٍ تُحلّقُ في الفضاءْ،
وصراخِ أطفالٍ، رجالٍ، نساءْ.
نهضتْ سناءُ وقلبُها كمْ يخفِقُ،
ولسانُها من خوفِها لا ينطِقُ.
قتلٌ وهدمٌ للأنامِ وللبناءْ،
أينَ الفرارُ من الردى؟ أين الرجاءْ؟
هدأَ الدويُّ وثارَ صوتُ المأتمِ،
وعلتْ هتافاتُ الدخيلِ الأعجمِ.
أينَ الفرارُ، سناءُ، أينَ الاختباءْ؟
أينَ اللجوءُ وما لها غيرُ الدعاءْ؟
دخلَ الفناءَ مسلّحونَ بلا رقيبْ،
خطفوا البراءةَ، قدّموها للغريبْ.
صارتُ سناءُ مطيّة للمعتدي،
أمّا صفاءُ فللنكاحِ الأسودِ.
باعوا البلادَ وعِرضَها للأجنبي
فغدا ذليلًا كلُّ شخصٍ يَعْرُبي