- -->
موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى
الرئيسيه

آخر الأخبار

الرئيسيه
الرئيسيه
جاري التحميل ...
الرئيسيه

(الحلقه الخامسه)من حافظة الشعر العربي)للكاتب الكبير/عبد الكريم أحمد الزيدي

حافظة الشعر العربي
( الحلقة الخامسة)
..................................................

ما يهمنا في هذه الحلقة ان نتفحص معالم هذا العصر وحقبته وان نتزود من أدبه وفنونه ما استطعنا ، فالعصر العباسي في تاريخ امتنا له ثقل كبير ومؤثر في تراثنا الغني ، فقد ازدهرت فيه الفنون وتجددت على هامات رجاله كل معالم النهضة والتحديث والاستنباط وبرز من رجالاته في العلم والأدب والفن والكتابة حتى صار مرجعا غنيًا لباقي حضارات الأمم ، ولربما استقرت فيه كل أصول خام العرب ونفائس نتاجهم ولمع في سماء نهضته نجومًا يقاس الواحد منهم رفدا من الأنوار التي أضاءت هذه السماء.

وقبل الحديث في الشعر العربي وملامحه في هذا العصر لابد لي ان اذكر الجميع ان ينهل من علومه وأدبه وفنه وكل ما يتاق الى الزهو والتميز والأطراء ، وهو محطة هامة لا ينال المتذوق حظه مالم يمر فيها   وياخذ منها نصيبا مما حفظه لنا تاريخها، وإنما تجد من علمائنا الذين برزت عناوينهم الا وقد غرفوا من كنوزها ما أمكن ذلك سبيلًا، وهذه فرصة لادبائنا وشعرائنا ودعوة صادقة للبحث والتحقيق لصقل الفطرة والموهبة وتنمية قدراتهم بين صفحات تاريخ هذا العصر الماسي.

وفي هذا العصر تجددت أغراض الشعر عما سبقها بما يمكن إيجازه بما يلي:

١.اتساع فن الوصف وتطور آفاقه ، كقول ابو نؤاس في الغزل والوصف:

نضت عنها القميص لصب ماء
فورّد خدها فرط الحياء

وقابلت النسيم وقد تعرّت 
بمعتدل ارق من الهواء

ومدت راحة كالماء منها
الى ماء معدّ في اناء

فلما ان قضت وطرا وهمّت
على عجل الى أخذ الرداء

رأت شخص الرقيب على التداني
فأسبلت الظلام على الضياء

فغاب الصبح منها تحت ليل
وظل الماء يقطر فوق ماء

2. الإكثار في الحكمة والحصافة ، كقول ابي تمام:
 نقِّل فؤادك حيث شئت من الهوى
ما الحب الا للحبيب الاول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه ابدا لأول منزل

٣.الرثاء الذي اصبح فلسفة للحياة والموت ، كقول ابن الرومي في رثاء ولده:

كأني ما استمتعت منك بضمة
ولا شمة في ملعب لك او مهد

أُلام لما ابدي عليك من الاسى
واني لأخفي منه اضعاف ما ابدي

ثم يضيف فيقول:

وانت وان أُفردت في دار وحشة
فأني بدار الأنس في وحشة الفرد

اود اذا ما الموت اوفد معشرا
الى عسكر الأموات ، اني من الوفد

 ٤. ظهور شعر الخمر والرواج لشربها ، كما ورد في إشعار ابي نؤاس حيث قال :

دع عنك لومي فأن اللوم اغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء

صفراء لا تنزل الاحزان ساحتها
لو مسّها حجر مسّته سرّاء

ثم يضيف ليقول:

لتلك ابكي ولا ابكي لمنزلة
كانت تحلّ بها هند واسماء

حاشى لدّرة ان تبنى الخيام لها
وان تروح عليها الإبل والشاء

٥ .ظهور الغزل بوصف فاحش مستهتر، كقول الشاعر بشار بن برد: 

يا ليتني كنت تفاحا مفلجة
او كنت من قضب الريحان ريحانا

حتى اذا وجدت ريحي فأعجبها
ونحن في خلوة مُثِّلت إنسانًا

فحركت عودها ثم انثنت طربا
تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا

٦ . ظهور شعر الشك والزندقة والمجون، كقول الشاعر بشار بن برد:

ابليس خير من أبيكم ادم
فتنبهوا يا معشر الفجار

ابليس مخلوق من نار وآدم طينة 
والأرض لا تسمو سمو النار

٧.برز الزهد والتوبة والندم لظهور الموبقات وكمضاد لتيار المجون، كما في قول الشاعر  ابي العتاهية:

يارب ان عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت ان عفوك اعظم

٨.المبالغة حد الخروج عن الواقع والمعقول، كما جاء في قول الشاعر المتنبي:

لو كان علمك بالإله مقسمًا
في الناس ما بعث الإله رسولًا 

او كان لفظك فيهم ما انزل
الفرقان والتوراة والإنجيلا

ومن الحق ان نذكر اشهر الشعراء الذين ضمهم هذا العصر الذي ازدهر بالعلم والأدب والثقافة التي شهدت أوج عظمتها في زمن الخليفة الرشيد وابنه المأمون ،وكان لقرب مقر الخلافة في بغداد سببًا مباشرًا لتأثرها كثيرا بالحضارة الفارسية وعلى المجتمع العربي وتفاصيله في المأكل والمشرب والملبس والبناء لتقام القصور الفارهة ومظاهر الترف ومجالسها كما تأثرت ثقافيًا من خلال الترجمة الى اللغة العربية ،وقد استحدثت حركات دينية لم يألفها المجتمع مثل الزندقة(دعوة للعبادةالوثنية)وحلقات كالزرادشتية وغيرها، وظهور الحركات الصوفية بالمقابل وهي حلقات للذكر والتوحيد، مع ظهور علوم جديدة كعلم الكلام وعلم الفلسفة الإسلامية  وغيرها ، ولكي نبقى في موضوع حافظة الشعر ، نعود لنذكر شعرائنا واشهرهم (ابو العتاهية، ابو تمام، ابن الرومي، المتنبي،ابو فراس الحمداني،ابو نؤاس،البحتري،ابو العلاء المعري، بشار بن برد، الحلاج،ابن الفارض،ابن زريق البغدادي،بديع الزمان الهمداني والشريف الرضي وغيرهم مما لا يسمح المجال لذكرهم).

ان اختيار الأشهر من قصائد هؤلاء الشعراء الكبار وذكر ابيات من قصائدهم يعطي طابعًا قريبًا لتحول الأدب والشعر خصوصًا من جادة الحرص على الفصاحة والبلاغة ومفردات اللغة الوحشية التي اعتمدها شعراء ما قبل هذا العصر الذهبي الى الليونة والمفردة اللغوية وتوصيفها بما يسهل ايصالها الى المتلقي دون عناء البحث عن فصل معانيها وتأويلها، ولصعوبة ذكر جميع قصائد هؤلاء الشعراء فاني ساجد مناسبة لتدوين اشهر ابيات القصيد التي خلدت اسمائهم وحفظتها ذاكرة المتلقي العربي الى حين.

ولابد ان ابتدي بالشاعر الذي شغل الناس بشعره وهو المتنبي ، حيث يقول في المطلع:

وا حرَّ قلباه ممن قلبه شبم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم

ثم يردف قائلا:

يا اعدل الناس الا في معاملتي
فيك الخصام وانت الخصم والحكم

أعيدها نظرات منك صادقة
ان تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

حتى يقول:

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بانني خير من تسعى به قدم

أنا الذي نظر الأعمى الى ادبي
واسمعت كلماتي من به صمم

انام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصم

وارى برأي الشخصي لو كان الشاعر اسقط (سيعلم الجمع) وأبدلها ( وليعلم الجمع) كانت ستكون ابلغ واشد فخرا ، ولربما خوف المتنبي من اغضاب الممدوح حال دون ذلك، والله اعلم.

وعودة الى شاعر اخر مثل ابي العتاهية الذي قال في الحكمة :

ومن عجيب الدنيا يقينك بالفنا
وانك فيها للبقاء مريد

الم تر ان الحرث والنسل كله
يبيد ومنه قائم وحصيد

ويقول في قصيدة أخرى بنفس الغرض:

وكم من كفيف بصير الفؤاد 
وكم من فؤاد كفيف البصر

وكم من اسير بقلب طليق
وكم من طليق كواه الضجر

وكم من شهاب بعالي السماء
بطرفة عين تراه اندثر

ومتابعة لباقي شعراء العصر الذهبي في أدب الشعر وقوله ، الشاعر ابي نؤاس الذي قال في العشق اجمل الشعر :

اموت ولا تدري وانت قتلتني
فلا أنا أبديها ولا انت تعلم

لساني وقلبي يكتمان هواكم
ولكن دمعي بالهوى يتكلم

وله أيضًا في نفس الغرض:

اني عشقت وما بالعشق من باس
ما مر مثل الهوى شيء على راسي

مالي وما للناس كم يلحونني سفها
ديني لنفسي ودين الناس للناس

ما للعداة اذا ما زرت مالكتي
كأن اوجههم تطلى بأنقاس

وفي الخمر له قصيدة غير المشهورة التي مطلعها:

دع عنك لومي فأن اللوم اغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء

حيث يقول في وصف الخمر ويجيد:

لا تبك بعد تفرق الخلطاء
واكسر بمائك سورة الصهباء

فإذا رأيت خضوعها لمزاجها
فمرن يديك بعفة وحياء

ومدامة سجد الملوك لذكرها
جلت عن التصريح بالاسماء

شمطاء تذكر آدما مع شيثه
وتخبر الاخبار عن حواء

الا انه كما ذكرت في أواخر حياته  تاب الى الله وأقلع عما كان يعاقره من مجون وفحش وكتب قصيدة جميلة اولها:

يا رب ان عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بان عفوك اعظم

ان كان لا يرجوك الا محسن
فمن الذي يدعو ويرجو المجرم

وأما بالنسبة للشاعر أبو العلاء المعري الذي يقسم شعره في ثلاثة أقسام (لزوم ما لا يلزم ) المعروف باللزوميات، و(سقط الزند) و(ضوء السقط) وقد ترجم العديد من شعره الى غير العربية ، وله كتب كثيرة ( الأيك والغصون) في الأدب وفي النساء ( تاج الحرة) ورسالة الغفران ، ومن اشهر ما كتب في  معاني الدنيا والخلق قوله:

تعب كلها الحياة فما أع
جب الا من راغب في ازدياد

ان حزنا في ساعة الموت أضعافًا
سرور في ساعة الميلاد

خلق الناس للبقاء فضلت
أمة يحسبونهم للنفاد

إنما ينقلون من دار أعمال
الى دار شقوة او رشاد

ضجعة الموت وقدة يستريح
الجسم فيها والعيش مثل السهاد

اما الشاعرة رابعة العدوية التي جاء ذكرها كثيرا في حب الله سبحانه وتعالى ومناجاته فلها قصيدة اجمل ما قرأنا في الوجدانية والهوى ، فتقول:

عرفت الهوى مذ عرفت هواك
وأغلقت قلبي على من عاداك

وقمت اناجيك يامن ترى
خفايا القلوب ولسنا نراك

احبك حبين حب الهوى
وحبًا لانك أهل لذاك

فأما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواك

وأما الذي انت أهل له
فلست ارى الكون حتى اراك

فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاك

وعودة لابرز شعراء هذا العصر ، فان البحتري الذي امتاز شعره عن غيره بحلاوة وانسجام موسيقاه مع المعاني والعواطف وخصوبة خياله وإبداعه في التصوير لجمله الشعرية ، وله كتب ومؤلفات عديدة ، ابرزها معاني الشعر وديوان البحتري.

وله من جميل ماكتب في الغزل:

ويا مدرك عينيه ليقتلني
اني اخاف عليك العين من عيني

ليت ما بين من احب وبيني
مثل ما بين حاجبي وعيني

وفي الحكمة له قول مطلعه:

وما الناس الا واحد غير مالك
لما يبتغي او مالك غير واجد

ولم أر أمثال الرجال تفاوتت
الى الفضل حتى عد الف بواحد

ولن تستبين الدهر موضع نعمة
اذا انت لم تدلل عليها بحاسد

ولضيق المجال فاننا لا نستطيع ان نختم الحافظة لهذا العصر الذهبي قبل ان نعرج على الشاعر ابي تمام وهو شاعرا فصيحا حلو الكلام فيه تمتمة يسيرة وفي شعره قوة وجزالة وقد اختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري ، وله مصنفات منها (فحول الشعراء)  و(ديوان الحماسة)، ومن ماورد في جميل شعره،  قوله:

السيف اصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب

بيض الصفائح لا سود الصفائح 
في متونهن جلاء الشك والريب

والعلم في شهب الارماح لامعة
بين الخميسين لا في السبعة الشهب

أين الرواية بل أين النجوم وما
صاغوه من زخرف فيها ومن كذب

وقال في الغزل:

قالت وقد اعلقت كفي كفها
حلا وما كل الحلال بطيب

فنعمت من شمس اذا حجبت
بدت من نورها فكأنها لم تحجب

وإذا رنت خلت الظباء ولدنها
ربعية واسترضعت في الربرب

انسية ان حصلت أنسابها 
جنية الأبوين ما لم تنسب

سأكتفي بهذا القدر من الإسهاب الذي ورد لزاما لاهميته ولكي امضي معكم الى متن وختام الموضوع ان شاء الله في منشور اخر.

تقبلوا مني كل آيات الود والامتنان ولما لقاء متجدد باذن الله تعالى.

.................................................
عبد الكريم احمد الزيدي
العراق / بغداد

التعليقات



إذا أعجبك محتوى الموس الشعريه وعه ا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك الموسوعه بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى

2016