قصيدة بعنوان *** مَقْبَرَةُ الظِّلَالِ
مِنْ أَنَا
حِينَ تَرَانِي
مِنْ أَنَا
حِينَ أَرَاكٍ
عَصْفُورَ يُغَنَّى
اللَّيْلَ في نِصْفَ النَّهَارِ
وَالْقَلْبَ مَازَالَ يَبْحَثُ عَنْكَ
أرْمِي تُرَابَ الْأرْضِ لِلرَّصْدِ
أصْعَدْ بِالرَّوْحِ إِلَى سَمَاءِ الرَّوْحِ
أصْعَدْ وأتركني اُنْظُرْ لِظِلِّكَ
فَالظِّلَّ يَبْحَثُ عَنْ أرْضٍ
هَلْ رَأَيْتُ ظَلَّ السَّمَاءُ
الظِّلَّ يَبْقَى حَيَّا فِي الصَّحْرَاءِ
وَيُضِيعُ فِي مُدُنِ الْهَوَاءِ
يَا صَغِيرِي لَا تَقْتُلْ ظِلِّيَّ
اُقْتُلِنَّي أَنَا وَ امراتى
أسْرِقْ حَلِيبَ الثَّدْي
أخْطَفْ حُبَّاتِ التُّوتِ
مِنْ عَيْنَ الْعَوَاصِفِ
يَا طِفْلِي اِتْرَكْ رَائِحَتَكَ
عَلَى ظُهْرِ نَخْلَتِنَا
مَا قِيمَةِ الْمَوْتِ فِي ظِلِّكَ
أغْرِزْ أُسَمِّكَ فِي اِسْمِيٍّ
لَوْنَ ظِلِّي بِالْأَخْضَرِ الْخَفِيفِ
واتركني أَعَيْشٌ فِي ظِلِّيٍّ
أَسَيْرٌ عَلَى الْأرْضِ مُمَدَّدٌ
لَا تُحَرِّكِنَّي الْأَشْيَاءَ
اللَّيْلَ يُخْفِينِي فِي وَرْدَةٍ الاغانى
وَالْبَحْرَ يُبْقِينِي عَلَى سَطْحِ مَائِى
أَمَوْتٌ كَمَوْجَةِ هَارِبَةِ
اُعْبُرِ الْأَشْجَارَ
الْبُيُوتَ وَالْخَوْفَ مُنًى
سَوْفَ تَرَانِي وَلَا تُرَانِي
أبْحَثْ عَنْ كَلَاَمِيٍّ
مَوْتَ عَصْفُورٍ كَمَوْتًى
دُونَ أَنَّ تَحَسٍّ بِهِ الرّيحُ
خَسِرَتْ ذَاتِيٌّ مِنْ ذَاتِيٍّ
أتركني فِي رَائِحَتِي
وَتَنَفَّسَنِي هَوَاءُ زَفيرٍ
إِلَى أَيْنَ تاخذنى يَا ظِلِّي
إِلَى وَرْدَةٍ فِي الْبِئْرِ
أَمْ إِلَى شَجَرَةِ الْبَرِّ
اُصْرُخْ فِي راسي
اُنْفُخْ فِي اِنْتِظَارِيٍّ
وَأَنَا أَمُوتُ عَلَى جِسْرِيٍّ
فَالظِّلَّ لَا يُعَبِّرُ الْحِكَايَةُ
أَنَمًّا يُعَبِّرُ الْجَسَدُ
فَالسَّمَاءَ لَا تَمْحُوا الظِّلَالَ
أَنَمَا تَسْرِقُ النَّائِمُونَ فِي الْإشَارَةِ
كَيْفَ اِحْمِلْ عَنْكَ الْحَيَاةَ
مَنْ سَرَقَ الْبَابَ مُنًى
كَيْفَ اُخْرُجْ مِنْ نَفْسِيٍّ
مِنْ كَلِمَاتِي
مِنْ سَاعَةِ الْفَجْرِ
نَافِذَتُي تُطِلُّ عَلَى شَارِعِيٍّ
وَشَارِعَي يُسْقِطُ فِي حَارَّتِي
وَحَارَّتَي تَمُوتُ فِي بَلَدِيٍّ
وَبَلَدَي تُضِيعُ فِي وَطَنِيٍّ
قُلْنَا إِلَى الْجَالِسِ فِينَا
دَقَّ جَرَسُكَ فِي إيقَاعِنَا
قَرِبَهُ مِنْ عُيُونِ ظِلِّنَا
قَرِبَهُ مِنْ أَلَا شَيْءٌ
وَصَفَّقَ فِي حُلْمِنَا
صَفَّقَ فِي ظُهْرِ اِنْفِجَارِي
وَأَلَانَ صَمْتُ الْمَرَايَا
وَأَنَا لَا اُعْرُفِ الْألَمَ
حِينَ تَكَسُّرِنَا الرَّوْحَ
مِنْ ظِلَالِ التَّرَدُّدِ
الْمَوْتَ أفْضَلُ لِلْجِدَارِ
مِنَ السُّقُوطِ...
وَحَدِّيٌّ
أَهَرَّبَ مِنْ مُقَاوَمَةِ الرَّوْحِ
لَسْتَ جَبَانٌ أَنَمًّا هِي الْعَادَةُ
تَقْتُلُنِي ظِلَالُ زَائِفَةُ
خَوْفِيٌّ مِنَ الْمَجْهُولِ خَوَّفَكَ
مَدَّانِي عَلَى مُدُنِ الْحَقِيقَةِ
أسْحَبِ الْخَوْفَ مِنْ قَدَمِيٍّ
وَاِرْمِنَّي كَالْْحَجَرِ فِي الْغُبَارِ
اِذْهَبْ إِلَى سِجْنِيٍّ
أتْرَكْ بَاقِيًا وَحَدَّتَي عِنْدَ الْبَابِ
كَمْ كُنْتُ سَيِّدَ الْأَشْيَاءِ
حِينَ تركتنِي أَرَاوَدَ ذَاتِيٌّ
لَا أُدَافِعُ عَنْكَ وَأَنْتَ تَقْتُلُنِي
وَأَنْتَ تَسْرِقُ الْوَقْتَ مُنًى
مَوْتَى بَيْنَ الظِّلَالِ مَوَّتَكَ
صَوِّتِي بَيْنَ الْمَشَانِقِ صَوَّتَكَ
بَيْنَ رَغْبَتِي فِي الْكَلَاَمِ
وَوَصْفِيٌّ فِي الصُّورِ
لَيْسَ لِي حُرِّيَّةُ التَّنَفُّسِ
الْفَجْرَ يُطْلِقُ عَلَى نَوَافِذِكَ
رِيَاحَ الطَّلْقَةِ الْأَخِيرَةِ
هَلِ اِتْرَكْ عَقِيدَتَي
وَاِنْتَمَى لِعَقِيدَةِ أُخْرَى
وَالْقَلْبَ فِي اِنْتِظَارِ الْحَجَرِ
اِذْهَبْ فِي الْأَمَاكِنِ
فِي صَوْتِ خَوْفِكَ
مِثْلُ خَطِّ جَائِعِ
يَبْحَثُ عَنْ مَكَانٍ
الْأرْضَ مَكَانَهُ الْأَوَّلَ
يُطَرِّزُ ثَوْبُ الْجَسَدِ
يَحْشُوَاهُ بِالسَّاعَاتِ
أَلَا نِصْفُهُ الْمَفْقُودُ
الْوَقْتَ عَارِيٌّ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ
مِنَ الْوَقْتِ حَتَّى الْمُنْتَصَفِ
أدْفِنِ الظِّلَالَ فِي البراري
يَنْهِشُنِي مِنْ قَلْبِ الزَّهْرَةِ
عَمَّا تَبْحَثُ دَاخِلِيٌّ
عَنْ هِجْرَةِ الصَّيْفِ
عَنِ الرُّجُوعِ مِنَ الذُّنُوبِ
عَنِ الدُّخُولِ فِي الْمَرَايَا
------------------------------------------------------------------- بِقَلَمِ الشَّاعِرِ / مُحَمَّدَ اللَّيْثِىِّ مُحَمَّدٌ