خلاصة الآراء اللغوية حول المختلف عليه من الألفاظ العربية
19 ـ قول بلا عمق في التفريق بين (الشمق) و(الحمق)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم/ مجدي شلبي (*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المبحث الأول في (الحمق):
ـ (الحُمق والحماقة): قِلة العقل وفساده؛ يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي:
لكلّ داءٍ دواء يستطبُّ بهِ *** إلاّ الحماقة أعيت من يداويها
ويقول الشاعر البوصيري:
فلا تَثِقْ بِوَفاءٍ مِنْ أخِي حُمُقٍ *** فالحمقُ داءٌ عياءٌ برؤه عسرُ
ـ و(حَمِقَ) حمقا: فهو أحْمَقُ، وهي حمقاءُ، والجمع: حُمْقٌ، وحَمْقَى؛ يقول الشاعر أحمد شوقي:
فبرزتْ من عشِّها الحمقاءُ *** والحمقُ داءٌ ما له دواءُ
ويقول الشاعر أبو إسحاق الألبيري:
تميل للأحمق من أهلها *** وهي على عاقلهم تضطغن
ـ (حَمُقَ الرَّجُلُ): فَعَلَ فِعْلَ الحَمْقَى، أَوْ فسد عَقْلُهُ؛ فتصرَّف تصرُّف الطائش، ويربط الشاعر النابغة الشيباني بين العقل والتقوى؛ فيقول:
فأَحْكَمُ أَلْبابِ الرجالِ ذَوو التقى *** وكل امرئٍ لا يتقي الله أحمق
ويقول الشاعر دعبل الخزاعي:
ولنْ ترى الأحمقَ يبقي على *** دِينٍ، وَلاَ وُدٍّ، ولاَ يتقي
ويقول الشاعر قيس لبنى:
وَحَتَّى دَعَاني النَّاسُ أحْمَقَ مائِقاً *** وقالوا مطيع للضَّلالِ تَبُوعُ
ـ و(عبروا إلى الحماقة): صاروا إلى التّهديد والوعيد والشّتائم والسِّباب؛ يقول الشاعر معروف الرصافي:
تلك الحماقةُ لا حماقة مثلها *** منها رُميتِ بكل داءٍ مُعضِل
ـ أما (تَحَمَّقَ) فتعني: تكلَّفَ قلة العقل، وهو لبيب؛ يقول الشاعر أحمد محرم:
أنحن الجاهلون كما زعمتم *** معاذ الله من جهلٍ وحمق
ويقول علي بن أبي طالب:
وَيُزْرِي بِعَقْل المَرْءِ قِلَّة ُ مَالِهِ *** يحمقه الأقوام وهو لبيبُ
ـ (حَمُقَتِ السُّوقُ): كَسَدَتْ، (حَمُقَتْ تجارتُه): بارَتْ؛ يقول الشاعر المتنبي:
فَالمَوْتُ آتٍ وَالنُّفُوسُ نَفائِسٌ *** وَالمُسْتَعِزُّ بِمَا لَدَيْهِ الأحْمَقُ
ـ وقد وصَّى علي بن أبي طالب ابنه الحسن رضي الله عنهما فقال: "يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وَأَرْبَعاً، لاَ يَضُرَّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ: إِنَّ أَغْنَى الْغِنَىُ الْعَقْلُ، وَأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وَأَوحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ، وَأَكْرَمَ الْحَسَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ.
يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ.
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ.
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ.
وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ."
يقول الشاعر مصطفى صادق الرافعي:
لا تسألِ الكذابَ عن نياتِهِ *** مادامَ كذاباً عليكَ لسانهُ
ينبيكَ ما في وجههِ عن قلبهِ *** إن الكتابَ لسانهُ عنوانهُ
ويقول الشاعر ابن شهاب:
أرأيت أحمق من جهول يدَّعي *** ما ليس فيه ويعقد الأيمانا
ويقول الشاعر عبد الغفار الأخرس:
هذي هي الدنيا كما تريانها *** حرم اللبيب بها وفاز الأحمق
ـ وفي الحمق جاء المثل، الذي يقارب بين سلوك بعض الحمقى ـ مثلي ـ وبين سلوك بعض الطيور:
ـ (أحمق من نعامة): قيل ذلك لأنها تحتضن بيض غيرها، وتُضيِّع مبيض نفسها.
----------------
* المبحث الثاني في (الشمق):
ـ الشَّمَقُ: مَرَحُ الجنون، شَمِقَ شَمَقاً وشَماقةً؛ يقول رؤبة بن العجاج:
إِذْ راحَ، مَسْلُوسُ الشَّمَقْ، *** مُنْسَرِحاً عنه ذَعالِـيبُ الخِرَقْ
("مسلوس الشمق" يعني: الذي نشط ومرح بجنون، "منسرحا": مجردا جسده مما يرتديه من، "ذعاليب": قِطَعُ الخِرَق)، كأَنَّه إذ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ، وقد شَمِقَ يَشْمَقُ شَمَقاً إذا نَشِط، وعبر بالشمق (جنون الفرح)، وهو الأمر الذي يحاكي ما نشاهده في مباريات كرة القدم؛ عندما يحرز أحد اللاعبين هدفا في مرمى خصمه؛ فينسرح من قميصه، ويلوح به في حركات هستيرية؛ فـ(الشَّمَق) يعني: إما النَّشَاط، وإِمَّا المرح بجنون
ـ و(الشَّمَقْمَقُ): الطَّويلُ، والنَّشيطُ، و(ثوب شَمِقٌ): مخرّق؛ يقول الشاعر أبو الشمقمق:
عاد الشمقمقُ في الخسارهْ *** وَصَبَا وَحَنَّ إلى زُرَارَهْ
ـ و(أبو الشَّمَقْمَقِ) هو: الشاعر مَرْوانُ بنُ محمد، وهو من شعراء الهجاء؛ يقول في قصيدة من بيتين فقط:
كَنتُ المُمَزِّقَ مَرَّةً *** فَاليَومَ قَد صِرتُ المُمَزَّقُ
لمّا جَرَيْتَ مع الضِّلالِ *** غرقتَ في بحرِ الشمقمقْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) عضو النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر