- -->
موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى
الرئيسيه

آخر الأخبار

الرئيسيه
الرئيسيه
جاري التحميل ...
الرئيسيه

رواية (وجع بلا قرار)بقلم الروائي الفلسطيني/كميل أبو حنيش

الكاتب رياض خليف يكتب عن 

رواية"وجع بلا قرار" للأسير الفلسطيني كميل أبو حنيش:
تأمّلات أولى في جدل القضيّة و الرّواية.

"كميل أبو حنيش":أسير فلسطينيّ  في معتقلات الكيان الصّهيوني .يتحدّى آلام الأسر و الاعتقال وأحزان الوطن بقلمه وأعماله الادبيّة المختلفة التي أنجزها وهو في الأسر الطويل وتمكن من تسريبها. تجربته الأدبيّة المتنوّعة والمتواصلة تستحقّ الاهتمام لا لمقدار القضيّة التي يحملها فحسب بل لجانبها الابداعيّ أيضا.ولعلّ هذه الرّواية تعدّ من آعماله الأخيرة فلقد أصدر بعدها رواية أخرى.
رواية الوجع والانتظار: رواية الكبسولة ورواية مريم مريم وعقدة العصفور
هذا ما تلوّح به عتبات الرّواية التي تلقي بنا باعتبارها خطابا واصفا يستبق العمل و يحمل بعض مفاتيحه في مناخات موجعة .فالوجع لفظة تكتسح عنوانها وإهدائها.فهي تتصدّر العنوان "وجع بلا قرار "و يتكرّر حضورها في الإهداء: "إلى كلّ من يحتفون بأوجاعهم بوقار وإلى أمي وهي تعيش وجع الانتظار. "فهي تعد بالأوجاع:
 وجع المؤلّف و أمّه وأحبّتهم وهو في الأسر ووجع الوطن تحت الاحتلال و وجع شخصيّات الرّواية بدورهم.
هي أوجاع شعب يدفع من عمره في سبيل الوطن وينتظر النصر و الفرج و تحقيق الحرّيّة والاستقلال. و هو ما دفع المؤلّف وشخصيّاته إلى شوارع الكفاح .وهذا ما تشير إليه وداد البرغوثي في تقديمها لهذه الرّواية. " فهي حكاية تمرّد. فالأسير الفلسطيني نفسه، حكاية التمرّد الأزلي. تمرّد منذ البدء على طفولته فشبّ قبل الأوان. تمرّد على واقعه ورفض الرّضوخ. آمن بتغيير الواقع وتمرّد ربما على نصائح ذويه الذين حدّثوه عن ثورة فشلت هنا أو قائد سقط هناك...".و لعلّ هذا ما يضعنا فيه المتن الرّوائي.فالرّواية تكتب شيئا من الوجع الفلسطيني و تستعيد صفحات من الذّاكرة.ولكنّ غلبة الموضوع والقضيّة على هذا العمل لا يجب أن تدفعنا للتّغاضي عن جماليّاته و روحه الفنّيّة.
ذاكرة جيل الانتفاضة:
وجع بلا قرار هي رواية ذاكرة.ذاكرة الأجيال العربيّة الجديدة في مرحلة الضياع والانتظار والخيبات العارية. وهي ذاكرة الجيل الجديد من المقاومة الفلسطينيّة الذي انبثق في الثمانينات ودخل ساحات الكفاح والمقاومة و أطلق انتفاضة أطفال الحجارة وهو في عمر الزّهور وعدّها ميلادا له على حدّ تعبير علاء:
"ولادتي الثانية ولادتي الأجمل كانت مع بزوغ فجر الانتفاضة كرهت حياتي التي كانت قبلها تلك الحياة طافحة بالخوف والذل
والحرمان والشعور بالدائم بالخيبة والانكسار..."
إنّها ذاكرة الجيل الذي أفحم الصهاينة وانتشر في كل مكان مقاوما الغطرسة والاحتلال بالحجارة وخطّ بطولة استثنائيّة في التّاريخ.
الجيل الذي أنصت إلى نبضه الوطني  وآمن بالانتفاضة ""لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة .نصحو صباحا فنرى الجدران ممتلئة بالشعارات فنطوف من حارة لحارة لنقرأ ما خطته أياد مجهولة في الليل".
يعرض السارد في روايته وعلاء في مذكّراته لتلك المرحلة و ما تلاها من أحداث فلسطينيّة وعربيّة ومنها حرب الخليج وقصف العراق لتل أبيب بالصواريخ والانتفاضة الفلسطينيّة الثّانية... 
ذكريات حالمة بالنصر تبدأ بفرحة الخطوات الأولى في دروب النضال وتنتهي بالسجون والقمع الصهيوني و حالة الانتظار الطويل للمستقبل وللحريّة.
رواية تصوّر الكثير من الواقع فهي تكتب سيرة الأسير الفلسطيني وتكتب حياة السّجون بحلوها ومرّها و تطرح صورا من الظلم والعذاب وهي كذلك تطرح مأساة الأسير الفلسطيني إلى أجل غير مسمّى وأوجاعه الإنسانيّة و أحلامه المقموعة و تصوّر قيم الوفاء والصمود التي تملأ قلبه متمسّكا بعشق قديم تباعدت أيّامه 
و حوصرت خطاه و صامدا من أجل الوطن ملتزما بقيم النضال رافضا الصفقات التي تعرض عليه لإطلاق سراحه تحت شعار الاستسلام والذلّ مقابل الحرّيّة...
كلّ هذا تكتبه الرّواية لتصوّر به ما يمكن حدوثه في الواقع ولكنّها لا تتخلّى عن بعدها الجمالي.
ولكنّها الرواية...
عادة ما يغلب التسجيل على مثل هذه الكتابات المهمومة بقول ما جرى و الإدلاء بشهادات .فهي كتابات تنتمي إلى السّرد المرجعي  و تهدف إلى سرد المعاناة الحقيقيّة و إعادة تسجيل التّجربة الفرديّة أو لنقل افتكاك موقع في التّاريخ المكتوب وهو ما نجده في أدب التّجارب المختلفة مثل السّجن والمنفى و الغربة .ولكنّ الأسير كميل أبو حنيش يفاجئ قارئه بعمل روائيّ يتجاوز هذه الأبعاد إلى الوجه الجمالي فهو لا يسرد تجربة وكفى بل يضع في ذهن قارئه أنّه يكتب رواية فنّيّة.
حبكة سرديّة ذكيّة تحتفظ بمساحات المناورة و المفاجأة وتتلاعب بانتظار القارئ وأحداث تجدّد مفاجآتها ومراوغاتها...
تبدأ علاقة السّارد بشخصيّته علاقة نفور و عدم تجاوب أشبه بالكراهيّة:انطباعات ذاتيّة جعلت السارد ينفر من علاء منذ نزوله بالسّجن.ولكنّ هذه العلاقة تطوّرت و نشأت بينهما صداقة متينة مكّنت السّارد من الاطلاع على أوراق علاء الأسير مثله من طرف الصّهاينة.
هذا التّواصل جعل علاء يتحوّل إلى سارد حقيقي للأحداث من خلال أوراقه.و غدت الرّواية سردا لسيرته.ولعلّ هذه أوّل مراوغات كميل أبي حنيش.فنصبح أمام رواية بساردين.سارد ضمني و سارد عبر المذكّرات وبينهما مقاطع حواريّة توضّح الأحداث أو تختصرها أو تعلّق عليها.وفي الحقيقة فنحن أمام أسلوب من أساليب الرّواية العربيّة المعاصرة وهو أسلوب يتنامى حضوره ويتمثّل في السّرد انطلاقا من مخطوط أو أوراق ما. 
تدعّم  التحام الساردين بعد جفاء نهاية الرّواية و خرج عن الوجه الفنّي ليصبح علاقة تعاطف سياسي و إنساني شاملة وليحمل السارد في قلبه أوجاع علاء التي لا يعلمها.ويبدو أنّ علاء يشكّل في الحقيقة مرآة للسارد لتشابه المصير و اليوميّات.
هذا الحبك والتّخطيط الذّكيّ يظهر أيضا في بنية الأحداث فالحكاية ظلت تبوح بسرّها حتّى صفحاتها الأخيرة كاشفة الكثير من وهم الشّخصيّات في ما بينها.فتخميناتها تبدو خاطئة وخائبة. 
فالحبكة التي أجادها الكاتب في تنظيم السّرد تفاجئ القارئ بنهاية موجعة للسارد وللقارئ والمعني بها لا يعلم التفاصيل ولا يعلم السّرّ...
فبعد سنوات الحبّ و رسائلها العاشقة التي كانت تصله في السجن و تلحّ على انتظارها له ووفائها المتواصل تنقطع أنهار غن مراسلة علاء  ثمّ تأتيه أخبار عن طريق أخته بكونها تستعد للسّفر نحو الولايات المتحدة و الزواج من أحد أقاربها .
يعيش علاء فترة طويلة على وقع الخيانة ولكنّ رسالة بلغته من أنهار بعد عامين من قرار النّسيان أربكته .لم يستطع الاطلاع عليها وكلّف بذلك السارد فاكتشف حقيقة مخالفة لما اعتقده علاء وهي أنّها لم تخن ولكن خانتها الحياة بالمرض الخبيث وأنّها كتبت هذه الرسالة قبل موتها ""لقد أوصيت أن ترسل لك الرسالة بعد أسبوع من رحيلي ومن المفروض وصولها إليك بعد أسابيع من وفاتي عندها أكون قد برأت ذمتي ورحلت بسلام".
لم يستطع إبلاغه بما عرفه و ظلّ حاملا لوجعه...
هذه المفاجآت في تطوّرات الأحداث جعلت الرّواية تتّسم بحبكة روائيّة عالية و مثيرة وهو ما يجعلها مشوّقة للقارئ.ولعلّ هذا البعد الجماليّ يحيلنا في الحقيقة إلى جماليّات أخرى ومنها استعمال مختلف الأساليب السرديّة من سرد ووصف وحوار إضافة إلى الإخصاب بشواهد شعريّة متعدّدة.
ولعلّنا نخلص في النّهاية إلى أنّ هذه التّجربة الرّوائيّة تشكّل شهادة عن واقع الأسير الفلسطيني وهي تحمل رسالة منه إلى العالم في نفس الوقت.وهي غي حاجة إلى دراسة متأنية شأنها شأن إبداعات الأسير الأخرى. 
*
هامش:
  ولد كميل أبو حنيش سنة 1975 في قرية بيت دجن في فلسطين المحتلّة. نال البكالوريوس في الاقتصاد، وأصبح مسؤولًا لـ"جبهة العمل الطلّابي" ولـ"المكتب الطلّابي" في الضفّة المحتلة. اعتقله العدوّ الإسرائيليّ وسجنه عدّة مرات. كما سُجن لدى أجهزة السلطة الفلسطينيّة. وما إنْ بدأت الانتفاضةُ الثانية حتى حمل سلاحَه وتقدّم الصفوفَ الأولى، ثمّ أسّس مع رفاقه في الأرض المحتلّة "كتائب الشهيد أبي علي مصطفى" ــ ــ الذراعَ المسلّحة للجبهة الشعبيّة.
تعرّض لغيرِ محاولة اغتيال، ومن بينها استهدافُه بسيارةٍ مفخّخة بتاريخ 25/5/2001 أصيب خلالها إصابةً بالغة.هدمتْ قواتُ الاحتلال منزلَ عائلته أثناء ملاحقته، بعد اعتقاله بتاريخ 15/4/2005.
( عن موقع الآداب)

التعليقات



إذا أعجبك محتوى الموس الشعريه وعه ا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك الموسوعه بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

موقع مليون شاعر وشاعره مصرى وعربى

2016