(أسيرالأمير)
..............قصة قصيرة ( بقلمي ..الكاتب عاطف عبد الله )
تحت جنح الظلام ..يتسلل أربعة أشخاص مسلحين مقنعين الي داخل سور فيلا القس مرقس ...يقتلون باسلحة كاتمة للصوت فردي الامن المكلفين بحراسة المكان .....دقائق تمرليصبحوا في غرفة نوم القس وكانهم أشباح تذوب في الصوت والضوء يخترقون الهواء فينفذون الي ما يريدون ...يقفون الآن فوق راسه نائما مطمئنا وبجواره زوجته مازالوا مقنعين الرؤوس ...يزجرونة بعنف ..يفيقان في ذعر ...الحجرة مظلمة ..حيث ممنوع الاضواء ....تصرخ المرأة ....يضربها اميرهم فوق راسها فتفقد وعيها .....يقتادون الاسير مكبل اليد مكمم الفم .معصوب العينين حاملين معهم زوجته ..تفاجئهم الخادمة ..فيقتلونها بدم بارد ......يصعد أحدهم في لمح البصر الي الطابق الثاني لياتي في الحال بفتاة في العشرين من عمرها يحملها فاقدة وعيها هي الاخري ...يحاول القس الاعتراص باشارات من يده فيضرب ....فيسكت ...عرفوا بعدها انها ابنته .....يغادرون المكان ....من الباب الخلفي للحديقة ليجدوا في انتظارهم سيارة شيروكي مصفحة سوداء يغيبون في داخلها ومعهم الصيد الثمين وزوجته وابنته .......السيارة تلتهم الطريق ...والصمت القاتل يخيم علي داخلها ....تمر ساعتان ...تنتهي الرحلة ...امام بيت مهجور في حي من احياء مدينة المقطم ....السيدة وابنتها لاتزالان فاقدتان للوعي.... يطرحونهما فوق سرير بغرفة مظلمة ثم يغلقونها ......في صالة الشقة التي دلفوا اليها ...يجلسوا القس علي كرسي بدون مساند وهوا ما يزال مكبلا ...مكمم الفم ...الا انهم ينتزعون من علي عينية العصابة ....أذان الفجر ياتي الي الأسماع من بعيد ....الجميع واقف صامت كالاشباح انفاسهم اللاهثة ترسم في المكان دوائر من غبارعفن كالموت ...يامرهم الامير بخلع الاقنعة ....فيخلعونها .....يقترب من الاسير مبتسما ...تتبعها قهقهة عالية ....يربط علي كتفه وهو ينظر اليه قائلا :
--- نحن ناسف لما نفعله معك ولكننا مضطرون الي ذلك
يشير الاسير الي فمة فيرد الامير في الحال :
---- متاسفون جدا ...( يمد يده ليخلع الشريط اللاصق بعنف من علي فمه )
فتزداد انفاس الاسير في التتابع بخوف وهو ينظر في وجوه الحميع في ذعر قائلا :
--- أرجوكم ....من فضلكم ....ممكن كوب ماء ...عطشان
يأمرهم بكوب ماء لياتي في الحال ...يشرب القس .....ومازالت انفاسه تلهث والامير ينظر اليه كمن يتفحص فريسته ...فيفاجئه الاسير بطلب يغضبه جدا
--- لو سمحت افرج عن زوجتي وابنتي ...ليس لهما اي ذنب فيما يجري ....من فضلك ارجوك ...
تمتد يده الي وجهه بصفحة دوت في المكان كالبركان .....ثم يقوم من مكانه قائلا في غضب :
--- أنتم هكذا تطمعون ان عاملناكم بشفقة ....
يستجمع القس قواه ثم يتابع في شجاعة ...
---- ولماذا انتم تفعلون معنا ذلك ؟....لن تنجحوا في مخطاطتكم ...لن تسقطونا ابدا .
يضربه الامير ضربا متتابعا .....ليستشيط غضبه قائلا :
---- اسمعني انت قبل ان تموت ...انت وابنتك وزوجتك ...نحن لانعرف لنا دينا ولا وطنا ...هدفنا هو اذلال هذا الشعب وتركيعه .وتقسيمه ....لقد قضينا علي الجميع ..وبقيتم انتم ....ترفضون ولكننا سننجح في ذلك فمعنا المال والسلاح والافراد منتشرون في جميع انحاء العالم ....
---- صدقني لن تستطيعون ....مصر ليس لها مثيل ...انها الكنانة ..انها في حراسة الرب ولن تنالوها ابدا ...
يضربه ....ياتون بزوجته ...يفترسونها امامه ....يقتلونها ...آلام العالم كله تجمعت هنا في بؤرة الشر تلك ....يصرخ ...يبكي ...ثم ياتون بابنته التي اخذت تصرح في هيستريا محمومة لما رات امها غارقة في دمائها .....
يستغيث قائلا :
---- ماذا تريدون مني ان افعل لكي تخلوا سبيل ابنتي ؟ ارجوكم
يدنوا منه الامير مبتسما في حقارة قائلا :
---- كلمتين اتنين ها توجه فيهم للعالم علي اليوتيوب ان المسلمين في مصربيعذبونا وبيخطفونا ...وبيغتصبوا نسائنا ...وبيقتلوا اطفالنا ...وبيسرقوا اموالنا ...وبيحرقوا كنائسنا
تعجب الرجل وهو يبكي بحرقة وما زالت ابنته تصرخ متوسلة لابيها .وتتلوي بين ايديهم كالفريسة ....ثم يزداد بكاؤة في مرارة وهو يردد :
---- مستحيل ....مستحيل ....لا لا ... موش ممكن ما اقدرش ما اقدرش
فجاة تسكن ابنته بطلقة غارقة في دمائها ....يعود الهدوة الدامي برائحة الموت الي المكان من جديد ...يسحبونها ذبيحة تقطر دماء لتروي بها جنبات المكان ....يدنو منه الامير من جديد ....غاضبا ..قائلا :
---- ها ها تعمل اللي قلنالك عليه ؟ ولا تحب تحصلهم ؟
بنظرة اليائس البائس الذي فقد معني الحياة ووجوده فيها يقوم يالبصق علي وجهه فائلا :
---- صدقني قبل ما اموت عاوز اقولك مصر ها تفضل مصر وموش ممكن ها تقدروا عليها ابدا المسلم هايفضل عايش جوة المسيحي زي ما المسيحي عايش جوة كل مسلم انتم حقراء ملاعين .....
. ثم يبدأ في صلاته الاخيرة فلم يستطع اكمالها......فلقد جاءته الطلقة الاخيرة لتريحه من عذاب هؤلاء الحقراء .يحملون الاسرة الشهيدة وقبل ان تشرق الشمس يلقون باجسادهم الطاهرة امام الفيلا المنكوبة ....ساعات وتتجمع الدنيا في الم علي الفاجعة المدوية ....ليظل سرعظمة وقوة هذا الشعب العظيم يسري في تلك الدماء النادرة .
.........................................................
تحياتي لكم من القلب
الكاتب والشاعر
عاطف عبد الله
..................